قراءة: كل بيت سوري كان ثكنة عسكرية

كل بيت سوري كان ثكنة عسكرية

ماهر راعي

شاعر من سوريا، في رصيده ديوانين شعريين؛ “مرمية هكذا

في الهواء” عن دار أرواد 2014، ” مغطس بالشوكولا” عن دار نينوى بدعم من الصندوق 

العربي للثقافة والفنون 2019،

 

 

 

 

إحدى صدماتي الكبرى، والمتأخّرة نوعاً ما، كانت عندما رأيت بأم عيني أحد الأولاد يلعب البلياردو، بينما كان الخصم والده.

هذا المشهد صادفته في أحد المنتجعات البحرية، كنت وقتها من بين عمّاله الموسميين. كانا يتحديان بعضهما بطريقة حلوة، فثمة ضربات لا يقوى الصغير على تنفيذها ليقوم الأب بمساعدته، تماماً مثلما تمسك الأم يد صغيرها في واجبه المدرسي الأول، عندما تظهر له معجزة كتابة الهمزة في حرف الألف.

تابعت مشهد الأب والابن حتى النهاية، حيث فاز الصغير بفارق كرة واحدة وبضربة كانت من تنفيذ الأب. استندت إلى طاولة قريبة أراقب مشيتهما حين غادرا المكان، تاركين ضحكات لذيذة وملونة لازالت تقفز مع الكرات على طاولة اللعب.

دمعت عيناي! لم يكن هناك وقت لأتأمل الموقف بدقة أكبر وأجيب نفسي لماذا بكيت؟! كان عليّ أن أسرع لإيصال الطلب إلى طاولة زبون ملحّ وكريه… كنا نكره الزبائن، حتى اللطفاء منهم، لأمر لا يفهمه أحد.

ثمة استراحات مسروقة يمكنك فيها أن تمرّر الوقت بطريقتك، لك مثلاً أن تقضم بعض الحلويات المرتجعة من صحون زبائن غادروا للتو، يدهشك أنهم لم يلمسوا حلوياتهم الشهية، تلك التي دفعوا ثمنها رقماً يكاد يساوي نصف مرتّبك تماماً. تراقب زبونة حلوة تضحك مع حبيبها، ربما حبيبها، أو تراقب بدقة، مثل قنّاص متمرّس، متى ستنحسر بلوزتها قليلاً كلما تحركت مع الضحكة، لينكشف جزء أوسع من نهديها العارمين، أنت في زاوية معتمة تحبس أنفاسك بينما هي وحبيبها في الضوء والصخب والفرح يضحكان. في تلك الاستراحة المسروقة، ليلة لعبة البلياردو وفوز الصغير على والده المبتسم، كانت صدمتي كبيرة، فالآباء وبكل طبيعية يشاركون أطفالهم ألعاباً محرّمة!

 كانت الحياة ثلاث كلمات فقط: أكل، نوم ودراسة. ليس في قاموس الأهل كلمة ترفيه، سوى حضور ساعة كانت مخصصة لأفلام الكرتون عند الظهيرة، زيارة الأقارب في القرية يوم العطلة ومن ثمّ زيارة أضرحة الأولياء الصالحين التي تعشقهم أمي

تذكرت كيف كنا ندخل ونخرج من صالة البلياردو المعتمة، في قبو رطب ونتن في حيّنا، عندما كنا في المرحلة الابتدائية في الثمانينيات من سوريا، الضيّقة على كل شيء، كان الأمر أشبه بالتسلّل إلى وكر عصابة، أو الدخول إلى بيت دعارة. كنا نعود إلى بيوتنا ملوثين بالذنب والخطيئة، لكننا فرحون بانتصار وحيد، لا يخص المنافسة على الكرة السوداء في ضربة مدهشة، حيث تتدحرج نحو حفرتها الأخيرة لتحسم الفوز… كان انتصارنا الوحيد الذي نعوّل عليه ببساطة: ألا يلمحنا أحد من الأهل أو الجيران بينما نخرج من وكر المتعة والرذيلة.

سرقتُ قلم ديمة، زميلتي في الصف السادس. يومها أعطاني أبي ثمن قلم جديد أظن أنه يكفي ليكون أجر وقت أطول في الصالة، في اليوم التالي سُرق القلم من حقيبتي، لا أحد في الكون يستطيع اكتشاف السارق لكنك تستطيع التخمين، إنه شخص يشبهك تماماً، اليوم في الصالة سيُغدق على رفاقه، ويدعوهم ليلعبوا “game” إضافي على غير العادة.

 كانت الحياة ثلاث كلمات فقط: أكل، نوم ودراسة. ليس في قاموس الأهل كلمة ترفيه، سوى حضور ساعة كانت مخصصة لأفلام الكرتون عند الظهيرة، زيارة الأقارب في القرية يوم العطلة ومن ثمّ زيارة أضرحة الأولياء الصالحين التي تعشقهم أمي، أولئك الذين، ولفترة طويلة، كنت أعتقد أنهم أعلى شأناً ومقدرة من الله نفسه.

لماذا لم يلعب أبي مع أولاده؟ فلنفترض جدلاً أنه يعتبر أن أية لعبة تحتاج المال هي مضيعة للوقت والمال معاً، وهي مجرد عملية نصب يقوم بها صاحب الصالة على أولاد الحي، ماذا عن باقي الألعاب المجانية، الألعاب المنزلية البسيطة؟!

مقالات ذات صلة

 

لماذا لم يكن الآباء في حيّنا يلعبون مع أولادهم، هل كان العمل يرهقهم إلى هذا الحد؟ هل كان الفقر يجعلهم في أوقات فراغهم مجرد آلات مطفأة أو معطلة، ساهمين في دخان سجائرهم وفي خبز اليوم التالي؟ هل كانت ثقافة التربية آنذاك تمنعهم من مشاركة أولادهم اللعب، خوف كسر الحواجز وحفر الأولاد لصخرة الأبوة القاسية، تلك الصلابة التي كانوا يفترضون أنها كفيلة بصنع رجال المستقبل الصعب؟

نعم في تلك الأوقات المعتمة من سوريا الضيّقة على كل شيء، علّمتهم الأحزاب النضالية بأنواعها، ذات الرايات التي لا تخلو من لون الدم، والشعارات التي تحمل قبضات مضمومة وغاضبة وسلاسل مخلوعة، الأحزاب الطامحة إلى مشهد الانقلاب الدائم، استلام زمام السلطة ومسك ميكروفون إذاعة البلد من أجل البيان الأول، علمتهم أن لا شيء يأتي بسهولة، بل كل شيء يحتاج إلى قوة (شكيمة) – كانت تعجبهم هذه المفردة- والنضال الذي لا يرتاح أبداً، وأن الخشونة تحتاج إلى تربية وبناء وصناعة ولا يمكن الاستغناء عنها. علمتهم الأحزاب النضالية كل هذا، رغم أنهم يوماً لم يكونوا إلا ورقها المحروق. لم يكن المجتمع السوري حين كنا صغاراً إلا ثكنة ممتدة كبرنا فيها. كل بيت كان ثكنة، كل أب كان عسكرياً، وإن كان نجاراً أو سماناً أو يعمل في أي مهنة كانت، حتى ثياب النوم كانت موحّدة، بأحجام مختلفة.

علمتهم الأحزاب النضالية والعسكرة أن الترفيه يجب اجتثاثه، ولا مكان هنا إلا للجدية والصرامة والنضال، وأن الألوان موجة إمبريالية مفسدة للروح الوطنية، وأن الكاكي، أو القاتم بالعموم، هو سيد الألوان

علمتهم الأحزاب النضالية والعسكرة أن الترفيه يجب اجتثاثه، ولا مكان هنا إلا للجدية والصرامة والنضال، وأن الألوان موجة إمبريالية مفسدة للروح الوطنية، وأن الكاكي، أو القاتم بالعموم، هو سيد الألوان. 

انقلب رفيقي في العمل على ظهره من الضحك وظنني مخبولاً، حين رددت بكل جدية: “كنت بالمدرسة”، على سؤاله: “وين كنت من شي نص ساعة، عم يسأل عنك الميتر وفي ألف زبون بالصالة؟”.

لم يكن من السهل أن أشرح له أنني حين رددت عليه بجملة “كنت بالمدرسة” بينما أرتجف، أنني حينها كنت ساهياً، أجيب أبي على سؤاله الذي كرّره ألف مرة في جلسة تحقيق قديمة وطويلة، عقب معرفته مصادفة من عصفور قذر وواشٍ، أنني كنت في صالة البلياردو.

المصدر : رصيف 22

أقرأ أيضاً

  • هيمنة الآيديولوجية قومياً

    روماف – رأي

    في التناص بين الآيديولوجية والقومية ، والتغليب بينهما سيودي هذا الامر وبشكل حتمي إلى تبعثر الآيديولوجي وكبالونات احتفالية متعددة الألوان كما وانهيار بنيوي على شاكلة نكسة تعود بآفاق الأحزاب والحركات الى مراحل بدايات التشكل القومي لابل والبذخ به ، باستيلاد جديد للنحيب والتباكي على الأرض التي انتفخت بقبور الآلاف من الشهداء وأضعافهم من الجرحى وكذلك اولئك الذين عبروا البحار والأجواء في انسلاخ حقيقي لا عن الإنتماء القومي فحسب بل وبيئاتهم ، هذه المرحلة ستقود الناس إلى تناسي كل شيء ، لابل وستنهار بنى المجتمع ، لتفسح المجال امام فهم  جديد أيضا لثقافة المراجعة النقدية بنيويا ،  وأمام هذه المنعطفات المصيرية الكبرى ، وهذا السيل الجارف لكل الأسس المفترضة بها ان تبقى ثابتة ومعها حتمي أن يستولد السؤال الأهم الذي يفترض بالمستحوذ ان يجاوب عليها ، اجل ؟

    وكسؤال افتراضي ! وعلى سبيل المثال : وفي الخاصية الكوردستانية الجزء الملحق بتركيا : هل مارست او ستمارس منظومة حزب العمال الكوردستاني داخل أطرها التنظيمية عملية النقد والنقد الذاتي لا الفرداني – كأشخاص والتي تتخذ مناح عدة – لابل وبعبارة أدق ؟ هل فكروا حقيقة بها ؟ وبالتالي على ضوء كل ذلك ؟ هل لاحظت هي تلك المعطيات السلبية منها والإيجابية و – افترض كتساؤل – تمت عملية المتغيرات الجديدة ؟! لا كولاءات او قطط سمان ؟! أم هي عينها تلك المركزية المفرطة وتلك المسكينة – اللصقة كماركة واعني بها الديمقراطية حتى ككلمة ومن داخل الزنزانات ؟! وطبيعي ان مقصدي الأساس هي تلك المحورية في التكويع الشاسع بين أمرين مركزيين ؟! : سرخبون كهدف استراتيجي وشعار دامغ ملزم ووجه به ثانيا كل من كان يرتقي بتصوراته وتوجهاته في الثمانينات وحل القضية القومية الكوردية محليا وفي كل اجزاء كوردستان الملحقة بالدول المحيطة حيث مورست عملية التخوين ايضا وكرهاب فظيع غلف بسلوفان مموه أنى درته توافق بالتطابق حتى اعتى الماويات وفرق زوتشه لابل وتشبعت بروحانية قفله جميلي وبصمة التكو اللاصقة كما وروحية عصبويات فرق الإغتيالات بكل دكاكينها ، ورافقها مبدأ التهميش وفتح طاقات التسلل للقوروجي ووو ، واليوم حتى بعض من تلك الفرق ارتقت بمطالبها في حين تراجعت المنظومة عن هدفها لا الإستراتيجي فقط بل ولتدير اسطوانة التخوين من جديد على كل من يخالفها !! بالرغم من تكويعها الإستراتيجي ! من سرخبون ووو مئات الإغتيالات ضد المختلف..

    وبرأيي المتواضع : أن من يمارس النقد والنقد الذاتي استراتيجيا وفي صميم متغيراته من المفترض به ان يكون قد تشبع بثقافة الإعتذار ، هذا الإعتذار الذي قدمه اوجلان لعوائل وامهات القتلى الترك واغفل او تقصد ولربما استرخص على شهداء حزبه وشعبه لا تهم التخوين والدعوة بالقهقرى البينية ومن مراحل انطلاقتها الأولى في كوردستان تركيا وتلك الصراعات الدموية التي انتجتها مع الأحزاب والمنظمات الكوردستانية قبيل الإنقلاب العسكري إن مع حزب كوك او رزكاري وكاواجي و د . د .ق . د مع اليقين التام – وهم ادرى بذلك – ايضا تحولت ولكن كان ولم يزل استهدافهم الدموي للأحزاب حتى بعد الإنقلاب العسكري عامل اساس لابل من الركائز التي توفرت لهم في الهيمنة حتى بالقوة على ساحة كوردستان تركيا ، وهي هذه الظروف التي افتقدتها عنفا وصراعا في الاجزاء الاخرى ، هذه الممارسات الفاقعة والموصوفة تعريفا بسياسة الرهاب والقمع المقنع لفظيا وممارساتيا بحق كل مخالف هي ببساطة شديدة تعبر عن مأزق حقيقي تعيشه أية جهة تكن تمارسها ، وهي الوسيلة الوحيدة فقط للحفاظ وبأقسى لا أقصى طاقة حشودية من حولها لانها الأكثر دراية بالقادمات من الأيام ومن هنا وبدل ان تقوم بالخطوة الأصح بنيويا !! تدفع الأمور الى تصعيد أكثر !! و… بوضوح وشفافية : زجها دماء الشهداء في معمعة الصراع البيني !! أوليست دليل ضعف الحجة لابل وعدمها ؟! … وبالتالي لما الإنفصام البنيوي مجتمعيا والسعي الى تشكل كتل بشرية تتحوط بسياجات ايديولوجية يسورونها ويتناسون البنية المجتمعية العائلية والأسرية وان غالبية الشهداء لهم حتى اخوة او اخوات مختلفون معهم ومنضوون لاحزاب أخرى ..

    إن التطويب العقائدي للقضية وربطها لابل جعل كامل القضية مرهونة بحياة او حرية شخص محدد وكائن من يكن هو تقزيم كبير لها وبالتالي فهي ستصبح مجرد ورقة .. وباختصار وسبب كل هذا الإستعراض إنما هي من مفرزات نقاش لم يخل من التوتر والإنفعالية من قبله ! حيث بدا لي بانه قد قدم من واحدة مما يسمونه معاهد او مدارس او اكاديميات غسل الادمغة بكل ما تعانيه هذه الكلمة من معنى ! وإن كان وللحق ممن يصغون جيدا ! في البداية سالته عندما بدأ متحمسا في دفاعه عن الإدارة ومنظومة آسايشها !! ياهووو !! بدوتم كمن يمتلكون حدس ونظرة تحليلية عميقة في الأمور !! وبين الإستغراب وغموض الفهم سأل : ماهو قصدك ( ماموستا ) ؟! قلت عن تركيا واردوغان واسرائيل ؟! كل الضجيج و ( الهيصة والليصة التي تتم ومع ذلك تحدث هناك  مفاوضات متعددة الأوجه ، وسيتم التوافق على ذات النقاط ومن دون كل هذه الضحايا  .. نعم سوف يطبعوا كل العلاقات ويعودوا مثل الأول واكثر ، بس انا ماني مستغرب ؟! ) سأل : لماذا ؟! قلت له لانهم يمارسون نفس التصرفات ، اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وتركيا بحق الشعب الكوردي .. اسرائيل تصنع الفرصة لتوفر وببساطة غطاءا عالميا متعاطفا معها كورد على عملية تستهدف مدنيين كتفجير او خطف ! وتركيا نفس الشيء تفكر في استدراج المنظومة الى عملية ما ! ولتبدأ هي بعربدتها وهمجيتها !! .. قال : نعم هما دولتان محتلتان وهل تتوقع أن يفكروا في طرد أولئك من البرلمان ويغلقوا مكاتبهم او يحلوا احزابهم والتي سوف تنتهي !! واردف محدثي :  / احزابنا الكوردية في باكور وروچ آڤا مافي مكاتب ورخص وماشاءالله كنا نتحدى الأنظمة وهي جدا قوية !! … /  قلت له بعد اطلاعي من الفيسبوك على خبر انذار مكاتب البارتي وأحزاب أخرى  : إذن أخبر ذات هذا الكلام لآسايشك رفيقي !!! …

    كم اتمنى لو يتذكر المستبدون / اي مستبد / ماضيه .. ولكن هو المطرب العراقي الراحل إياس خضر و … أغنية يا حسافة وليست حصافة ؟! وبالفعل صحت كلمة الحكيم الديركي – يحيو دينو – هنا وهو المشهور بصرخته وجملته الأشهر ( .. ويلي من القافز في الهواء تسأله عن باترزان فيرد عليك في ( وان ) وتكلمه عن بوطان فيجاوبك عن غاز البوتان و : بكل جدية دعوني اقول وبوضوح : شخصيا وعلى أرضية كل التقدير لدماء الشهداء الذكية فنقدنا يرتكز على مفاهيم وجغرافيات ال – برخودان – بقدر ما ان المصطلح بذاته سيبقى رد على : ما هو غاية تستهدف تشتيت الناس والبنى المجتمعية بحجة النضال وإلا ؟ وفسرو لنا كيفما شئتم وتشاؤون ؟ هلا شرحتم لماذا لم تخرجوا مدنيي آمد وبوطان ونصيبين وكه ڤه ري وو قبل عدة سنين من الأحياء قبل ان تتخندقوا فيها حينها ؟ و سؤال يصر ان يظل قيد الطرح ؟ اما تجاوز الاسلوب وافشى بكارثيته وبوضوح فاق حتى على التخيل ؟ .. لماذا اختيرت الأحياء الشعبية والأثرية ؟ وهنا وكقياس : مسألة حض العفرينيين بعد احتلالها بالخروج منها وإبقائهم  خاصة عند اهل نبل والزهراء وهم يسومونهم ابشع حالات الإهانة فعودتهم الى بيوتهم المحتلة اوليست افضل إن كبيئة حاضنة للمقاومة لمن يزعم وايضا للنضال السلمي سيما وأن عيون العالم تترقب ذلك عن كثب ! اتمنى وأكرر اتمنى ألا تكون جزءا من البصميات اتفاقا خاصة ونحن نشهد الإنزياحات البشرية والتي تعمدها اتفاقات الغوطة والترانسفير المجاني نقلا وتموضعا ..

    من يطالب ببقائهم كفعل نضالي ومقاومة / سردمية / عليه / أقله / أن يوفر لهم مادون الأبسط من المقومات ولا تتحججوا بضعف الواردات ؟ لأنها / الواردات / أكثر من مكشوفة / فارق رواتب عناصر ق س د والمدفوعة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية وفارق ما تستقطعونه من رواتب الجنود وبالدولار الأخضر لوحدها – أجزم – بأنها ستغطي كل النفقات .

  • غياب القراءات النّقدية

    روماف – ثقافة

    (مجرّد رأي)قرأت نصّاً للزميلة سكينة حسن في صفحتها وفي موقع ولاتي مه بعنوان: تنهيدة الياسمين تاريخ الجمعة 19 نيسان 2024م. لم أكن لأكتب هذا الرأي لولا أنني رأيت مئات الإعجابات من قراءٍ لم يقرؤوا النّصّ أصلاً، والغالبية ربما قرؤوا غير ما يطرحه النّصّ، لذلك أحببتُ أنْ أوضح بعض الأمور هنا:هناك تعبيرات شعرية غير ناضجة، أو ضعيفة في صياغتها، مثلاً: «سطورُ كتاباتي صرخةُ الجياعبين خمائلِ عينيَّ شجن».الجملة تنتهي هكذا في النّص، بينما ينتظر القارئ الإكمال، فاستخدام (بين) يكون أقوى إذا كان بين أمرين مختلفين، وليس للدّلالة على موضع ما (في). استبدال غير دقيق بين حرف الجر «في» وظرف المكان «بين». 

    هذا المقطع: «ضجيجُ الضِّباع

    شعاعٌ باهت

    يقتلُ الياسمين.. البسمة… الحلم… و الجِيدَ و رقَّته» 

    يدلّ إلى أنّ الشاعرة لا تملك الخبرة حتى في ترتيب الجمل والمقاطع، والاستعارة المستخدمة في عبارة «ضجيجُ الضِّباع شعاعٌ باهت» 

    هشّة، لا ترتقي إلى قوة الاستعارة الشّعرية.

    «ضاع المداد

    وبالغرابِ كلُّهم متفائلون

    عبر شواطئِ الصباح

    تغرقُ فيه زوارقُ الشمس

    بين أهدابِ القدر»

    لا أجد ترابطاً شعرياً يجمع بين مفردات هذا المقطع، ولا بين جملتي الأولى والثّانية، إضافة إلى ركاكة التركيب وأخطاء التّشكيل العشوائي، لماذا تُهمل الشدّة وهي حرف في اللغة التي كُتبَ بها النّصّ، والتنوين العبثي في الإضافة «بحرٌ ظلامٍ».

    أردتُ أنّ أشير إلى بعض الهفوات، وإلى خللٍ فنّي في الذّائقة الشّعرية لدى عامة القرّاء.  

    هناك أمر يتعلّق بالثقافة الشعبية التي تشكّل منظومة لها في النّظر إلى الكائنات، ومؤشراتها الخاطئة عن أشكالها، والمثقّف العميق يجب أن يتجاوز مفاهيم المجتمع البدائية عن تلك الكائنات. ومن الخطأ تحميل التركات البشرية على متن حيوان بالمنظومة الاخلاقية للغراب.

    «وضفيرةُ الياسمين بين أنيابِ الذئاب تتدلَّى

    على حافة المدى

    ضاع المداد

    و بالغرابِ كلُّهم متفائلون»

    النّصّ يبدو لي محاكاة للشّعر في أرفع درجاته، والإعجابات جاءت مجاملة لها فقط، وهذا الانطباع ردٌّ على التعليقات غير الدّقيقة وليس تقليلاً من شأنّ الزّميلة سكينة التي هي سياسية قبل أن تكون كاتبة كما أعرفها

    . كل التّقدير للزميلة سكينة حسن.

  • أيقونات المعرفة الصامتة…

    روماف – ثقافة

    حقيقة الثقافة تكمن في عمق الأحاسيس ورهافة الأخلاق، لا في تراكم المعارف والمفاهيم فحسب. ليست الثقافة مجرد شهادة تُعلق على الحائط أو زخرفة تُضاف إلى الذات، بل هي إيقاع الروح التي تحترم جراح الآخرين وتعي شقاءهم، دون أن ترتدي قناع الغطرسة أو تتوشح بستار التعالي.

    تتجلى الثقافة الحقيقية في صقل النفس وتهذيب السلوك عبر التفاعل الوجداني مع النصوص والمعاني.

    أن تتحول كل كلمة مقروءة إلى فعل معاش، وأن يصبح كل سطر مثقل بالحكمة معيارًا للعمل والتعامل.

    على الشخص المثقف حقا أن لا يكون مجرد خزانة معرفة مغلقة، بل يجسد معيناً للعطاء ينبثق منه ما ينير طريق الآخرين ويدعم رفعة الإنسانية.

    إن المثقف الواعي هو الذي يؤمن بأن معيار الثقافة ليس في عدد الصفحات المقروءة ولا في حصر الألقاب ورص الشهادات. إنما في المساهمة الايجابية في نسيج المجتمع، في الإلهام والابتكار، وفي كل جهد يبذل ليضفي على الأرض طابعًا أكثر إشراقًا ورحابة.

    المثقف الحق يرى في كل تجربة حياتية فرصة لتعلم درس جديد يظل محفورًا في ذاكرة الجسد والروح. ينبذ الغرور الذي يتسلل إلى النفس مستغلاً مساحات العلم ويسعى لتقليل شأن الآخرين.

    إن شهادة الحياة التي يحصل عليها الإنسان من خلال السعي والإخفاق والنجاح، هي البوصلة التي توجه سفينة الثقافة نحو شواطئ الفهم والتعاطف.

    المثقف المتمرس في مدرسة الوجود، يدرك أن أي تعليم مشبع بالجدوى هو ذاك الذي يرفع من قيمة الإنسان ويسهم في بناء جسر العبور نحو عالم تسوده المعرفة النافعة، والاحترام المتبادل، والغاية السامية للارتقاء الإنساني.

    وكم من إنسان أمي لا يقرأ ولا يكتب، لكنه بحنكته وتجارب حياته الثرية، أثرى المجتمع بحكمة لا تُستخلص من الكتب، وبإرادة صلبة تعلو على الأبجديات والنصوص.

    هذا الإنسان البسيط بمظهره، العميق بمضمونه، يحمل في ثنايا كيانه دروسًا فذة في الصبر والصمود والنبل، دروسًا تنير للأجيال طريق العمل الدؤوب والثقة بالنفس والأمل.

    تلك هي بصمة الإنسان الحق الذي يؤدي دوره في الوجود بصدق وعفوية، محولًا كل لحظة عطاءً إلى نقش خالد في جدار الزمان…

    الأمية هنا لا تعني الجهل، بل ربما تكون نافذة يطل منها الفرد على معانٍ أعمق، تتخطى حدود اللغة والمنطق الدراسي، نحو فهم أرقى للعلاقات الإنسانية ودور الفرد داخل مجتمعه.

    إن هؤلاء الأفراد، وإن كانوا لا يملكون القدرة على القراءة أو الكتابة، إلا أنهم يعلمون كيف يخطون، بسيرتهم وأفعالهم، خطوطًا واضحة على لوح التاريخ والواقع، مؤكدين بذلك أن الثقافة والتأثير ليستا قاصرتين على المتعلمين الحاصلين على شهاداتهم، بل هي إنجاز يمتد ليشمل كل من يستطيع أن يضيء شمعة في الظلمات، ويبني جسرًا فوق المستحيلات…

  • مابين سماءك وأرضك أدركت إنني ثالثُهما

    روماف – ثقافة

    حينما طال الوقت للحصول على الإجابة أدركت ،

    إنني لايمكنني الرقص بقدمين ومؤخرة مغرية فقط ، بل علي أن أتنفس عميقاً من أنفي وأحبس الفراشات كُلها في بطني ثم ألدُهم بِطلقةً واحدة حديقةً من القُبلات في روايةً لا يُسجل عنوانها على شاهدة قبري .

    أدركت إن الحُبّ ميلادٌ وموت لا يتجزءان

    إن العفة في الحُب ليست تكتسب إنما أصلٌ في المحُبِ لِمن يُحبه.

    إنّ العين كأسُ نبيذٍ غير مُحرم أباحه الله إن اختلجت الروح بِسِرِها.

    وإنّ الاشتياق ذنبٌ تغتسلُ منه بالبكاء

    وانت تبكي مقاوماً نفسً تسكنك في الخفاء وتبوح بنفسها في النور كظلك دون مبالاة.

    مابين سماءك وأرضك أدركت إنني ثالثهما

    لأنني أخجل من أمي وأبي

    أما أنت الذي لا أخجل منه بكل خطاياي وقُبحي بكل عثراتي البشرية ، بالذنب الذي رسموه في مخيلتي بهوية مزيفة

    أنت الذي تدرك إنك خلقتني بشراً ولستُ ملاكاً بأجنحة بيضاء

    ولا يُخجِلُني في الغيب ويبتسم لي حينما اعترف بكل أسراري الشقية رغم إدراكك لها

    صديقي الصدوق الذي يدرك إنه لا يُعيبني شيء طالما إنني أنا

    كما خلقتني

    بيضةً في رحم الكون لا أبحث عن نطفة

    وإنما عن ولادةً أعي بها كيف لا أخجل من نفسي وانا عاريةً تماماً

    من الخوف ،

    الخوف من أقول لأحدهم إنني لا أخاف الله بل أحبه .أحبه.

  • وأعرفُ أنّ قلبي قد تخلّى

    روماف – شعر

    وأعرفُ أنّ قلبي قد تخلّى

    وأنّ الحبَّ في عينيك ضلّا

    وكنتَ ربيعَ أحلامِ الصحارى

    جعلتُكَ في لهيبِ العمرِ ظلّا

    سكبْتُ الحبَّ حتّى جفَّ قلبي

    وتسألُ كيفَ صارَ الرفقُ نصلا؟!

    فلولا الغدرُ كانَ الحِلم سهلاً

    ولولا الهمزُ كان القطعُ وصلا

    فلا تأملْ بنسيانٍ وعفوٍ

    ولا تبكِ النوى فالعطفُ ولّى

    أتحسبُ أنَّ دمعَ العفوِ يجدي

    كأنَّ الأوبَ قولٌ ليسَ فعلا

    لماذا تشتكي إدبار قلبي

    وهذي الروحُ مذ عافتكَ ثكلى

    غريبٌ أن يصيبَ القلبَ عقمٌ

    وقد كانت غيومُ الحبِّ حبلى

    وأسمى الحبِّ أكثرُه شجوناً

    فبعدَ القيظِ يأتي الغيثُ أحلى

    إلى عينيكَ أرنو في حنينٍ

    عساكَ تعيدُ لي أملي لعلّا

    فلا تسمعْ ولا تنصتْ لقولي

    فهذا الرفضُ حبٌّ ليس إلّا

    وئام_عون/سورية

صفحتنا على فيس بوك

أقرأ أيضاً

مقالات أخرى